غرباء خضر يجوبون الكون.
في عوالم أخري قد تكون النباتات حمراء أو زرقاء أو حتي سوداء.
<Y.N.كيانگ>
مفاهيم مفتاحية
بأية ألوان قد تكون النباتات الكونية الغريبة؟
هذا السؤال مهم علميّا لأن لون سطح كوكب ما قد يكشف عما إذا كان شيء ما يعيش فيه، وبخاصة عما إذا كانت كائنات حية تلتقط طاقة من النجم الوالد عبر عملية البناء الضوئي.
يتكيَّف البناء الضوئي لطيف الضوء الذي يصل إلى الكائنات الحية. وهذا الطيف هو نتيجة طيف إشعاع النجم الوالد مع تأثيرات ترشيحه في أثناء مروره بالغلاف الجوي للكوكب، وبالماء السائل فيما يخص المخلوقات المائية.
إن الضوء أيّا كان لونه من البنفسجي الغامق وحتى القريب من تحت الأحمر يمكن أن يصلح للبناء الضوئي. وتميل النباتات حول النجوم الأكثر سخونة وزرقة من شمسنا لأن تمتص الضوء الأزرق ويمكن أن تبدو خضراء أو صفراء وحتى حمراء. أما حول النجوم الأكثر برودة، مثل النجوم الأقزام الحمراء، فتستقبل النباتات ضوءا أقل صلاحية لأن تبصره عيوننا. ولذلك قد تحاول هذه النباتات امتصاص أكثر ما تستطيع امتصاصه منه بحيث تبدو سوداء.
محررو ساينتفيك أمريكان
لم يعد توقُّع اكتشاف حياة خارج أرضية extraterrestrial من مجالات الخيال العلمي أو متصيدي الأطباق الطائرة. فبدلا من انتظار أغراب يأتون إلينا، فإننا نقوم بالتفتيش عنهم. إننا قد لا نجد حضارات متقدِّمة تقانيّا، ولكننا نستطيع التفتيش عن العلامات الفيزيائية والكيميائية، الدالة على عمليات حياتية جوهرية: بصمات حيوية biosignatures. فقد اكتشف رواد الفضاء خارج المنظومة الشمسية أكثر من 200 من العوالم تدور حول نجوم أخرى، تُدعى الكواكب خارج الشمسية. ومع أننا لم نستطع أن نخبر عن وجود حياة على هذه الكواكب، فإن الأمر لا يعدو الآن كونه مسألة زمن. وفي الشهر 7/2008، أكد بعض الفلكيين وجود بخار ماء على كوكب خارج شمسي عن طريق مشاهدة مرور ضوء نجمي عبر الغلاف الجوي لهذا الكوكب. وها هي وكالات الفضاء عبر العالم تطوِّر اليوم مقاريب (تلسكوبات) سوف تفتش عن علامات للحياة على كواكب لها حجم كوكب الأرض، وذلك عن طريق مشاهدة الأطياف الضوئية لتلك الكواكب.
ويستطيع البناء (الاصطناع) الضوئي photosynthesis بشكل خاص إنتاج بصمات حيوية بارزة جدّا. وهنا يحضرنا السؤال التالي: كم هو معقول نشوء البناء الضوئي على كوكب آخر؟ إنه أمر معقول جدّا. فعلى كوكب الأرض، تحقق هذه العملية نجاحا كبيرا، حتى إنها تمثل الأساس للحياة كلها تقريبا. ومع أن بعض الكائنات الحية تعيش على حساب حرارة وميثان methan المنافذ الهيدروحرارية للمحيطات، فإن المنظومات البيئية الغنية على سطح كوكبنا تعتمد جميعها على ضوء الشمس.
ويمكن أن تكون البصمات الحيوية للبناء الضوئي من نوعين، هما: الغازات الجوية المتولِّدة بيولوجيّا مثل الأكسجين، والمنتج الذي يتبع له متمثلا بالأوزون ozone، وألوان السطح surface colors التي تدل على وجود أصباغ متخصّصة مثل الكلوروفيل الأخضر. ويشار هنا إلى أن لِفِكْرة التفتيش عن مثل هذه الأصباغ تاريخا طويلا. فمنذ قرن من الزمن حاول رواد الفضاء أن ينسبوا الظلام الموسمي لكوكب المريخ إلى نمو الخضرة عليه. لقد درسوا طيف الضوء المنعكس عن السطح بحثا عن علامات لنباتات خضراء. ولكن ثمة صعوبة تكتنف هذه الاستراتيجية اتَّضحت للكاتب <G.H.ويلز>، الذي تخيَّل سيناريو مختلفا في كتابه حرب العوالم The War of Worlds، فقال: «إن المملكة النباتية في المريخ بدلا من أن تمتلك الأخضر لونا سائدا، هي ذات لون أحمر قان كالدم.» ومع أننا نعرف اليوم أن المريخ لا يمتلك خضرة سطحية (إذ إن الظلام تسبّبه عواصف من الغبار)، فإن <ويلز> كان نافذ البصيرة في استشفاف أن الكائنات التي تحيا بالبناء الضوئي على كوكب آخر قد لا تكون خضراء.
وحتى كوكب الأرض نفسه يضم تنوُّعا من كائنات حية تستخدم البناء الضوئي إلى جانب النباتات الخضراء. فبعض نباتات اليابسة أوراقها حمراء، كما توجد طحالب تحت سطح البحر وبكتيرات(1) تحيا بالبناء الضوئي بألوان قوس قزح. ونذكر مثلا على ذلك أن البكتيرات الأرجوانية تمتص الإشعاع الشمسي تحت الأحمر مثلما تمتص الضوء المرئي. فما الذي يسود على كوكب آخر؟ وكيف سنعرف ذلك حين نراه؟ إن الإجابات عن ذلك تعتمد على تفاصيل كيفية تأقلم البناء الضوئي الغريب مع ضوء وارد من نجم والد ذي نمط مختلف عن شمسنا يتم ترشيحه عبر غلاف جوي قد لا يمتلك نفس تركيب الغلاف الجوي لكوكب الأرض.
الأرض الحمراء، أرض خضراء، أرض رزقاء: نجوم النمط M (أقزام حمر) واهنة وبذلك قد تحتاج النباتات الموجودة في كوكب شبيه بكوكب الأرض إلى أن تكون سوداء كي تمتص جميع الضوء المتاح (اللوحة الأولى). أما نجوم M الفتية فسطوح كواكبها تتقلى بلهيب فوق بنفسجي، وبذلك لابد أن تكون أية كائنات حية فيها مائية (اللوحة الثانية). وللعلم فإن شمسنا هي من النمط G (اللوحة الثالثة). وحول النجوم F، قد تحصل النباتات على ضوء كثير فيكون عليها أن تعكس الكثير منه (اللوحة الرابعة).